منح التسامح عمر رمال
2372

فاطمة - عمر رمّال


" كانت مميزة، الأجمل بين الجميع، والأكثر خجلاً.. طلبتُ منها أن تسمح لي بالتقاط صورة لها ولكنها رفضت، حاولت إقناعها ولم أفلح أيضاً.. وفي النهاية، التقطت صورة جماعية تظهر فيها مع بنات عمومتها"
هذه هي بداية لقاء صانع الأفلام والمصور الفلسطيني عمر رمّال بفاطمة، يعيش عمر الآن في الأردن، بدأ مسيرته في التصوير الفوتوغرافي في عام 2011 وتعمقَ في مجال صناعة الأفلام في عام 2016. فيلم "فاطمة" الذي فاز بجائزة مسابقة منح التسامح من منظمة بيس جيكس من خلال مجتمع مشكاة في الأردن، شاركَ بعد فوزه في 11 مهرجان حول العالم، وسيشارك العام القادم في اثنين آخرين، كما فاز بالعديد من الجوائز كأفضل فيلم وثائقي قصير.

منح التسامح عمر رمال

 


عرفَ عمر فاطمة، خلال تطوعه في مخيمات اللجوء السورية في منطقة الغور في الأردن، ولفتت انتباهه باختلافها عن الموجودين، بجمالها وخجلها الواضح، وفي اللحظة التي أرادَ تصوير فيلم وثائقي عرفَ أنه سيكون عنها.
تعيش فاطمة - 14 عاماً - والتي فقدت أمها في سوريا، في خيمة مع 10 أشخاص من عائلها وأبناء وبنات عمومتها، وتعمل في الحقول، وهي الأخت الكبرى في المنزل.
الفيلم الوثائقي الذي سُمي باسم بطلته الجميلة، يناقش أثر المخيم والعيش فيه على الهوية والنضج، وكيفَ يمكن لفتاة في سن المراهقة أن تتعامل مع جسدها وهي تعيش في خيمة مع عشرة أشخاص آخرين.
روى لنا عمر تجربته في التصوير، يقول أنه عرفَ أن فاطمة سترفض ذلك، ولهذا أقنعَ مديرَ المخيم أولاً، ومن ثم عائلتها، وبعدها أقنعها هي. صور الفيلم خلال أربعة أيام، وقضى ليلتين في المخيم. يقول أيضاً:
" في اليوم الأول، استيقظنا في السابعة صباحاً، ولم نستطع أن نبدأ التصوير إلا في الثانية بعدَ الظهر، ولم نستخدم أغلب المقاطع التي صورناها في ذلك اليوم.. لأنها كانت لا تزال تشعر بالخجل، لم تكن مرتاحة أمام الكاميرا، واستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى استطاعت الحديث براحة"
تتحدث فاطمة عن أمها، عن عملها في المخيم، عن استخدام الحمام، وعن الدورة الشهرية، وتقول " بتخليكي تكرهي حالك.. وبتخجلي".
يقول عمر أنه استعانَ بفتاة لتوجه الأسئلة لها، لأنه عرفَ أنها لن تتحدث معه عن هذه الأمور، ويقول أيضاً أنه يتضح من حديثها أنها غير واعية بكلامها وبالحياة. تقول فاطمة في بداية الفيلم "عذاب.. هذا عذاب" ثم تقول مجدداً " بالمخيم كلشي حلو.. "
" لم أهدف إلى تحريك مشاعر الناس، بقدر ما أردت أن أسلط الضوء على ضعف تعريف الهوية لدى المراهقين الذين يكبرون في المخيم"

 

منح التسامح عمر رمال


يختلف فيلم فاطمة عن غيره من الأفلام الوثائقية التي تتحدث عن المخيم، لأنه لا يعكس الصورة النمطية ولا يظهر المخيم بالطريقة المستهلكة التي نراها عادةً في الإعلام، فيلم بسيط لفتاة بسيطة وبإمكانات بسيطة، فتاة صغيرة تتحدث بعفوية عن مشاكلها وعن حياتها.
يقول عمر، "فاطمة وغيرها من المراهقين الذي يكبرون في المخيم لديهم مشكلة كبيرة في هويتهم ووعيهم.. سألتها مرة "من أنتِ؟" فأجابت "أنا فاطمة"، قلت لها "حسناً.. لكن من هي فاطمة؟" ..ولم تستطع الإجابة"..
قبل عدة أسابيع، شارك فيلم فاطمة في المهرجان العربي الفرنسي في باريس، وحصل على جائزة لجنة التحكيم لأفضل فيلم وثائقي في الأردن، قال عمر:
" بعدَ عودتي من فرنسا، ذهبت لزيارة فاطمة وأحضرت لها الهدايا، أخبرتها عن النجاح الكبير الذي حققه الفيلم، ولكنها لم تهتم أبداً، ولم ترضَ أن تشاهده حتى، وعاتبتني لأنني نشرت صورتها على الفيسبوك
بالرغم من سعادتي الكبيرة بنجاح الفيلم ومشاركته في العديد من المهرجانات إلا أنني أشعر دائماً أنني لم أساعد فاطمة، لم أغير حياتها ولم أفعل شيئاً سوى أنني جلبت لها بعض الهدايا، رسالتي الوحيدة هي أن نتوقف عن معاملة اللاجئين كأرقام، وأن نحاول تغيير حياتهم"
فيلم فاطمة عرضَ لأول مرة في حفل توزيع جوائز منح التسامح في الأردن، وشاركَ بعدها في مهرجانات عديدة في فرنسا، القدس، إيطاليا، رومانيا، تونس، كاليفورنيا وفيينا وخلال العام القادم سيشارك في مهرجانات في الكاميرون، ونيويورك.


--------------------------------
عمر رمّال، هو أحد الفائزين في مسابقة منح جوائز التسامح لعام 2018. وهي مسابقة سنوية تقيمها منظمة بيس جيكس في الأردن من خلال مشروع مجتمع مشكاة، وتهدف إلى تمكين المبدعين وصناع المحتوى، ومساعدتهم على خلق محتوى بديل معاصر، يركز على قيم التسامح والتفاهم، ويعزز مفهوم الاعتدال والانسجام والتماسك المجتمعي والحوار البناء من خلال تسليط الضوء على العديد من القضايا المجتمعية، التي تتعلق بالمرأة والشباب والأقليات الدينية واللاجئين.