" نحن شعوب الأمم المتحدة وقد آلينا على أنفسنا أن نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره، للرجال والنساء والأمم كبيرها وصغيرها من حقوق متساوية"
بهذه العبارة استهل ميثاق الأمم المتحدة ديباجته، فإن الدعوة إلى احترام كرامة الإنسان وصيانة حقوقه دعوة متأصلة في كل الشرائع والنظم القانونية التي عرفتها البشرية، وتلى هذا الميثاق إعلانات وقرارات واتفاقيات دولية لحماية حقوق الإنسان وحرياته، والتي أكدت على المساواة بين الجنسين كمبدأ أساسي من مبادئ حقوق الإنسان.
نحن هنا نتساءل، لماذا تدفع أمهاتنا، أخواتنا، و بناتنا ثمن تعلقنا بعقليات الماضي وقراراتنا التبعية لقرونٍ انقرضت؟
-إجحاف في حق الأسرة
حرمان الأسرة من أبسط حقوقها، مثل التعليم والصحة والإقامة بشكل كريم، ففي مجتمعنا تعاني النساء وأزواجهن وأولادهن من مشاكل تتعلق في الوصول إلى التعليم والخدمات الصحية والاجتماعية والإقامة والعمل والإرث، ولا ننسى أن مستقبل أطفالنا في مجتمعنا سيكون هو أول ما تفكر به المرأة عند الزواج من رجل غير أردني..
قالت "سميرة"، وهي أم لأربعة أبناء غير مواطنين ومطلقة: " ساعديني لكي أفهم، أنا أردنية، أعطي بلدي كل ما يُطلب مني تقديمه، أنا أستثمر فيه، أعمل فيه، ألتزم بالقانون، أدفع فواتيري. أفعل كل شيء مثل أي مواطن آخر، فلماذا لا تريد الدولة أن تعطيني حقوقي؟ لماذا لا تريد أن تعطيني كرامتي؟ لا نريد سوى أن نعيش، لأننا الآن لا نعيش "حياة طبيعية" نحن مهددون، نحن في خطر فيما يخص الطعام والعلاج الطبي والعمل والمأوى.
إقرأ أيضاً: معاملة أبناء الأردنيات غير المواطنين
وفي آخر تعديل، باتت الأردنية، بموجب القانون المعدل رقم 22 لسنة 1987، لا تخسر جنسيتها تلقائيًا بمجرد الزواج من غير أردني أو كنتيجة حتمية لزواجها كما كان سابقًا، ولم يعد على الأجنبية أن تكتسب الجنسية حكمًا بزواجها من أردني، وإنما لها الحق بالجنسية الأردنية أن أبدت رغبتها باكتسابها بعد ثلاث سنوات من زواجها إن كانت عربية، وخمس سنوات إن كانت أجنبية. لكن الأردنية التي تتنازل عن الجنسية تكتسب جنسية زوجها ما زالت وفقًا لأحكام القانون لا تستطيع العودة لاكتساب الجنسية الأردنية إلا بعد انتهاء الزواج بوفاة الزوج أو الطلاق، في حين أن الرجل الأردني الذي يتنازل عن جنسيته الأردنية لاكتساب جنسية أخرى يستطيع أن يعود متى شاء لاكتساب الجنسية الأردنية.
فإن كان هناك خوف من منح نساءنا هذا الحق فلنسحبه من رجالنا أيضاً، فكم من أردني قد تزوج من 4 نساء، و قام بتمرير جنسيته إلى زوجته وأبنائه بغض النظر عن مكان ولادتهم أو إقامتهم.
إقرأ أيضاً:
دعوة لتعديل قانوني يمكن الأردنية من منح الجنسية
عدم منح أبناء الأردنيات الجنسية
قانون الجنسية الأردني: التمييز ضد المرأة
تعرف المواطنة بأنها: إنتماء الإنسان إلى وطن معترف به دولياً، يتمتع فيه الفرد بكافة الحقوق والامتيازات، كما ويلتزم بالواجبات التي تفرضها عليه الدولة، ويسمح للفرد التمتع بحقوقه المدنية والسياسية والاجتماعية. وهي تأكيد لمعايير أساسية هامة كالحرية والعدل والمساواة والتي بتحقيقها تتحقق كرامة المواطن \ الإنسان وأبرز قواعدها المساواة في الحقوق والواجبات. كما يشيرُ مفهوم المواطنة في قاموس اللغة العربية المعاصر إلى العلاقة التي تمنح الأفراد الحقوق، والامتيازات كافّة، والتي توفرها الدولة في مقابل احترام الأفراد للقوانين، والالتزام بها، وتنفيذ ما عليهم من واجبات موكلة لهم
فهل الدولة هنا ملتزمة في تحقيق مفهوم المواطنة للنساء الأردنيات؟ هل الدولة ملتزمة في الميثاق الدولي للأمم المتحدة؟ هل الدولة تتلاعب في صياغة القوانين لكي لا تعطي المرأة كافة حقوقها؟
نتيجة لكل ما سبق، ف جميعنا عنصريون لأن القانون منذ صدوره وحتى الآن لم يتعامل مع المرأة كمواطِنة وعلاقتها بالجنسية الأردنية وأهليتها بالحصول عليها (وبالتالي أهليتها لاكتساب الحقوق) تتبع علاقتها به كابنة أو زوجة، وهو ما لا يقتصر على قانون الجنسية وحده، وإنما لا زالت العديد من التشريعات الأردنية تميز ضد النساء ولكلٍ حجته؛ مرة باسم الدين وإعمال خاطئ لمفهومي الولاية والقوامة، ومرة باسم العادات والتقاليد وتارة بحجة الحماية والسترة.
إقرأ أيضاً:
من بين 22 بلدًا عربيًا، نجد بعض الاستثناءات التي نجحت نسائها في اختطاف هذا الحق وممارسته بعدل كالرجل، وذلك مثلما حصل في تونس والسودان والمغرب والجزائر والصومال، وبلدان أخرى كالإمارات والسعودية ولبنان ومصر ولكن بشروط تمييزية وأخرى معقدة وهذا يخالف الاتفاقية الدولية للقضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة في مادتها الـ9، البند الثاني، والتي تقول: "تمنح الدول الأطراف المرأة حقًا مساويًا لحق الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما".
وفي حين نجحت ناشطات من دول عربية أخرى بتحقيق هذه الخطوة، كتونس والمغرب والجزائر وليبيا واليمن والإمارات والعراق، لم توفق الجهود الأردنية بتحقيق حلم المرأة بالحصول على نفس الحقوق التي تمنح للرجل الأردني المتزوج من أجنبية.
وقد أطلق ناشطون ائتلافا بعنوان "جنسيتي حق لعائلتي". ويطمح القائمون على هذا الائتلاف بمساواة المرأة الأردنية مع الرجل عن طريق المطالبة بإجراء تعديلات دستورية وتشريعية، تكفل حق المرأة الأردنية المتزوجة من أجنبي في منح جنسيتها لزوجها وأبنائها.
إقرأ أيضاً:
إننا لانفهم هذا التجاهل الكامل لأمر بهذه الأهمية تعاني منه آلاف الأردنيات، إن واجبنا جميعاً هو المطالبة بالعدل لنسائنا وبناتنا وأمهاتنا، علينا أن نستذكر القانون ونطالب بتعديل مواده ليكون منصفاً بحق جميع النساء الأردنيات، نطالب بتعديل واضح للمادة السادسة من الدستور الأردني التي تنص على أن الأردنيين متساوون أمام القانون وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين، لتكون
"الأردنيين متساوون أمام القانون وإن اختلفوا في العرق أو اللغة أو الدين أو الجنس"..
إن حق الأم في الحصول على الجنسية لأبنائها قضية إنسانية أخلاقية قبل أي شيء آخر
أنتج هذا المقال، ضمن برنامج الإقامة الفنية