سوبر وومن Super Women
بات استيقاظُها على الصراخ لأمراً روتينياً، طبيعي جداً، وبعد حصولها على جرعتها الكافية منه تقرر نزع شعور الدفء الذي يحاصر جسدها تحت الفراش.
ليبدأ كلماته بـ "حضري لنا كوباً من النسكافية لنتسممه"، فحينها فقط ترمقه بنظرة حزنٍ على ما أقدمت إليه عواطفها لترتبط به. وتحاول البحث عن حقيقة ما، في مكانٍ ما بأنها لو وضعت ذلك السم ومات لن يحصل لها أي ضرر.
فتُنزل قدمها اليمنى ثم اليسرى حتى كادت تلامس أطراف أصابعها الأرض، فتجد بأن حتى أقدامها لم تعد تستطع حملها إذا ما تخلصت من حجم تعبها النفسي!
وبعد مضي منتصف النهار وذهابه للعمل، والانتهاء من كافة أعمالها المنزلية، تقرر الجلوس على أريكتها المفضلة وإشعال التلفاز على مسلسلٍ درامي، وصدفةً تُجسد لها أحد حلقاته مأساتها اليومية، ومن ثم تلتفت بالقرب منها لتجد تلك الجبال الشامخة من الملابس التي كانت قد غُسلت والآن حان وقت طييها، لتقول لنفسها: "ها أنا حققت نجاحاً جديداً ليومي البائس".
ولكن وجدت في حلقات مسلسلها بأن البطلة لم تكتف بأن الأعمال المنزلية هي فقط للأنثى، وإنما باتت البطلة تبحث عن حقيقة نفسها، تصنع لها كياناً عن طريق زواجها بعد المضي في عمليات بحث هي وزوجها بأن الروتين يسبب لها عقدة نفسية.
وهنا تستفيق من لحظات التصفن في الفضاء، تجد بأنه قد عاد للبيت.وحينها تمنت لو أنه أقبل عليها بقبلةٍ على جبينها لتخفف عنها كافة آلامها الجسدية والنفسية والعاطفية، فما تجد منه سوى التوبيخ بأنه هو المتعب وأنتِ ماذا تعتقدين أنكِ فعلتي من أعمال شاقة وأنتِ داخل البيت!!
فما هي إلا ثوانٍ قليلة وتجد نفسها في عتاب المطبخ تحضر سفرة الطعام والدموع تغمر وجهها. وتبدأ وقتها في البحث في أعماق نفسها؛ من أنا؟، ما هي أكثر هواياتي التي هجرتها؟، ما هو اللون المفضل لدي حين أرتدي الملابس الصيفية أو الشتوية؟، هل هي ذات الشخص الذي أجاب على أحد أهم أسئلة المقابلات في العمل "أين تجد نفسك بعد مضي 5 سنوات"؟
"هل حقاً وجدت نفسي؟!" سؤالٌ راودها.
فتقرر أن تتقمص من بطلتها الدرامية شعور الثقة للبحث في أعماقها عن حقيقة من أنا؟
وبعدها تجعل طاولة الطعام لهذا اليوم بمثابة قاعة محكمة لأخذ أبسط حقوقها في العيش كما كانت تريد وتحلم، والأهم بأنها كانت تعيش على وعوده بأن الزواج لن يجعل هذه الأحلام في قاع المحيطات، بل هو السمك الأساسي للمضي قدماً بها.
فيبدأ يترسخ لديه المفهوم الحقيقي الذي تحدثت عنه جميع الأديان والكتب والمواقع الإلكترونية والمنظمات العالمية والاتفاقيات العالمية "للمرأة". بعد أن أوضحت حقيقة مشاعرها وحقيقة فُقدها لذاتها بعد موجاتٍ هائلة من الغضب والصراخ والنحيب، فحينها يقرر الخضوع لما توصلت إليه بأنها تريد التغيير لتصبح لنفسها قبل المجتمع والعائلة "سوبر وومنSuper Women ".
فهي الآن تحقق ما أجابت عنه في سؤال المقابلات "أين تجد نفسك بعد مضي 5 سنوات"؟، وباتت الانتصارات حليفة لها في ما تبقى لديها من العمر.