تقبل الأخر
تقبل الآخر
لِمَاذَا ذَلِكَ الحَاجِزْ؟ ، لِمَاذَا ذلكَ القِفلُ المَنِيعُ فَكُلَمَا حَانَ اللِقَاءُ تقَطَعَ الحَافِزْ!، لِمَاذَا تَلْتَفِتْ عَنَيْ؟ وَتُهْملْنِيْ؟ ، وَتَجْعلْ مِنْ رِيَاحِ الكَونِ مَرْوَحَةً بِدُونِ حِمَايَةٍ جَاءَتْ تُقَطِعنِيْ! ، لِمَاذَا لَا تُرِيدُ بِأَنْ نَكُونَ مَعَا!! لِمَاذَا لَا تُحَاوِرْنِيْ ؟ لِمَاذَا تُشْرِقُ الشَمْسُ الجَمِيلَةُ فِيْ الصَبَاحْ فَتَجْعَلُ الكَفَيِنِ تَحْجُبُ ضَوئَهَا عَنِيْ لِمَاذَا؟؟ ، لِمَاذَا تَمْتَطِيْ خَيلَاً جَمِيلاً أبْيَضَاً حَتَىْ تَدُوسَ كَرَامَتِيْ فِيْ كُلِ حينٍ !! لِمَاذا لَا تُصَافِحنِيْ؟؟ الأنَ قَدْ حَانَ الحِسَابْ لَكِنَنِيْ أهوَىْ التَسَامُحَ رَغمَ ألَآمِ العَذَابْ ، الأنَ تَزْدَحِمُ المَسَاجِدُ وَالكَنَائِسُ وَالدَيَانَةٌ وَالقِبَابْ ،الأنْ قَدْ حَانَ الحِسَابْ.
جَلَسْنَا فِي مُحَاوَرَةٍ جَمِيلَة ، كُوبُ قَهْوَتِنَا يُحَاوِرُ لَذَةَ الكَلِمَات وَعُيُونُنَا جَاءَتٍ تُؤَكِدُ أَنْنَا لَنْ نَفتَرِقْ رَغْمَ الظُرُوفِ المُوجِعاتْ ، بَدَأنَا فِي الحَدِيثِ وَعَانَقَتْ أفْرَاحُنَا أَحْضَانَنَا رَغْمَ المَسَافَةِ بَيَنناَ رَغم الشَتَاتْ ، وَأتَتْ مَوَاضِيعُ كَثِيَرْة ؛ تَطْلُبُ أنْ نَقُودَ حِوَارَهَا وَبَدأتَ فِيْ طَرْقِ الكَلَامِ كَطَبْلَةٍ ، وَبَدَأتُ فِيْ اسْتِشْعَارِهَا ، لَكِنَنِيْ لَمْ أنْحَنِيْ وَبَقَيتُ شَخْصً ذُوْ ثَبَاتْ ، لَكِنَ مَوْقِفَكَ الشَدِيدْ قَلَبَ الحِوَارَ إلىْ نِقَاشْ وَتَمَزَقَتْ كَلِمَاتُنَا فِيٍ كُلِ أرْجَاءِ المَكانْ ، وَرَفَضْتُ أَنْ تَتَقَبَلَ الرَأيَ الذَيْ مِنِيْ أَتَىْ... إلَىْ مَتَىْ !! .
لَا تَنتَهيِ النِزَاعَاتْ ، وَلا تَنتَهِي المُشَاحَنَاتْ ، وَلاَ ينَتَهِيْ الوُدْ ولَا يَنتَهِيْ الحُبْ ، وَهُنَاكَ مَنْ يَتَقَبَلُ الأخَرْ وَهُنَاكَ مَنْ يُؤَخِرُ عَنْهْ ، لَكِنْ لِكُلٍ مِنَا رَأَيهْ ، وَلِكُلٍ مِنَا نَظْرَةً يَرَىْ الأُمُورَ مِنْ خِلَالِهَا ، لِكُلٍ مِنَا أَهْدَافْ وَلِكُلٍ مِنَا تَفَهُمٌ مُخْتَلِفٌ لِلأُمُورْ ، رُبَمَا تَجْلِسُ مَعْ أَحَدِ الأشخَاصْ فَتَتَكَلَمُونَ فِيْ أَمرٍ مُعَيَنْ ؛ لَكِنْ كُلٌ مِنْكُم يَرَىْ الأمرَ مِنْ مَنْظُورٍ مُخَتَلِفْ ، وَلَا يَعْنِيْ هَذَا أنْ الاختلاف يَجْعلٌ رَأيَ أحَدِنَا خَاطِئْ ، وَلاَ يَعْنِي الاختلاف أيضاً ، بِأَنَ رَأْيَنَا صَحِيحْ ، لَولَا الاختلاف لَمَا وَجَدتَ دُولاً تخْتَلِفُ عَنْ دُولْ ، وَلَا مَركَبَةً تَخْتَلِفُ بطَرِيقَةِ صُنْعِهَا عَنِ الأُخْرَىْ ، وَمَا وَجَدْتَ أشْكَالَنَا مُخْتَلِفَةْ ، وَمَا كَانَ هُنَاكَ اخْتِلافٌ بَينَ الذَكَرِ وَالأُنْثَى ، وَمَا كَانَتْ أَسمَائُنَا مُخْتَلِفَةْ ، وَمَا كَانَ هُنَاكَ خِلَافٌ سِيَاسِيْ بَينَ الدُولْ ، وَمَا كَانَ هُنَاكَ اخْتلَافٌ فِيْ آرائِنا وَأَفْكَارِنَا وَأَحْلَامِنَا .
وَالاخْتِلافْ يَجِبُ أنْ لَا يُفْسِدَ فِي الوِدِ قَضِيةْ ، فَلِمَاذَا نَجِدُ هُنَاكَ مَنْ لَا يَتَقَبَلُ أراء غَيْرِةِ وَمَنْظُورُةِ إلىْ الأمُورْ ، لِمَاذَا التَعَصُبُ وَضِيقُ الأفُقِ ذَاك ، هَذَا مَعِيبْ فَقَد خَلَقَنَا اللهُ فِيْ أَحسَنِ تَقويمْ ، وَجَعَلَنَا شُعُوبَاً وَقَبَائلَ لِنَتَعَارَفْ وَنَعْرِفْ وَنَفْهَمْ وَنَتَفَهَمْ وَنُعَلِمَ وَنَعْلَمْ وَنَتَعَلمْ وَنُسَامِحَ وَنَعفُو وَنَكْرَمْ ، وَيَجِبُ أَنْ نَسْتَمِعَ بَلْ وَأنْ نُنْصِتَ فِيْ حَدِيثِنَا لِبَعْضِنَا الأخَرْ، فَلَيسَ صَحِيحاُ أنْ أبُدِيَ رَأيِ وَنَظْرَتِيْ وَلاَ أتَقَبْلْهَا مِنْ غَيريْ، فَالعَقْلُ هُوَ أسْمَا مَا فِيْ جَسَدِ الإنْسَانْ فَيَجِبُ أنْ نُفَكِرَ بهِ وَنَتَفكَرْ .
نَخْتَلِفُ فِيْ أذْوَاقِنَا دَائِمَاً ، فَلَوْ ذَهَبْنَا إلَىْ أحَدِ المَطَاعِمْ كُلٌ مِنَا يُفَضِلُ طَبَقً مُخْتَلِفً مِنَ الطَعامِ عَنِ الأخَرْ ، وَلَوْ ذَهَبنَا إلَىْ مَقْهَىْ كُلٌ مِنَا يُفَضِلُ شُرْبَ مَشرُوبٍ مُخْتَلِفٍ عَنْ بَعْضِنَا البَعضْ ، فَرُبَمَا بَارِدَاً أو سَاخِنَاُ ، وَلِنَقُولَ أنَنَا طلَبنَا مِنْ نَفسِ الصِنفْ وَلِتَكُنْ القَهوَةْ ، وَلَوْ كَانَتْ كَذَلكْ لَاختَلَفَ مُسْتَوَى السُكَرِ الذي نَطْلُبُهُ عَنْ بَعْضِنَا البعض ، دَعونَا نَأخذْ آَرائَنَا وَاخْتِلَافَاتنا بِنَفِسِ الصوُرةْ وَلِنُبَسِطَ هَذَا الأمرَ ، وَلَا نْجْعَلْ مِنَ الحَدِيثِ مُشَوشَاً ، وَلَا تَأخُذُنَا العِزَةُ بِالإِثمْ .
عَلَىْ الصَعيِد الشَخصِيْ ، هُنَاكَ ما تَعرِفُةُ عنْ نَفْسِكَ أنتْ وَلَا يَعْرِفُهُ النَاسُ عَنْك ، وَهُنَاكَ مَا يَعرِفُهُ النَاسُ وَالمُجْتَمَعْ عَنْك وأنتَ لَا تَعرِفُةْ عَنْ نَفْسِكْ ، وَهُنَاكَ مَا هُوَ مُتَعارَفٌ عَلَيهِ عِنْدَكْ وَعِندَ الناسْ فالكُلُ يَعرِفُهْ ، فَإِذا كَانَ الأمرُ كَذَلِكْ يَجِبُ أنْ تًطَبِقُهُ عَلَىْ حَيَاتِكَ ، فهُنَاكَ مَا يَعْرِفُهُ الأخَرونْ وَلا تعْرِفةُ أنتْ ، وَهُنَاكَ مَا تَعْرِفُةُ أنتْ وَلا يَعرِفُهُ الأخَرون ، وَهُنَاكَ مَا نَتفِقْ عَلِيهِ جَمِيعَاُ ، فَهَيَ لِيتَقَبَلَ بَعْضَنَا الأخَرْ وَنَسْتَمِعُ وَنُنصِتُ إلىْ آَرائِنَا وَوِجْهَةِ نَظَرِنَا فِيْ الأمورْ ؛ فَرُبَمَا تَغُير تِلكَ الأفكارُ والاختلافات آرَائَنا وَنَكْتَسِبُ مِنْهَا شَيْئَا جَدِيدَاُ .
إذَا أرَدتَ أنْ تَكُونَ فِيْ الطَرِيقِ الصَحِيحْ ، يَجِبُ عليكَ أنْ تَكونَ عَادِلَاً ، فَالعَدلُ أساسُ الحُكمْ ، وَلِتَحْكٌمَ عَلَىْ الأمورِ بِعَدلْ ، يَجِبُ عَلَيكَ أنْ تَكُونَ صبُورَاً ، فَاللهُ عَزَ وَجَلْ عادِلًاً إلى أبعَدِ الحُدُودْ ، فَلَم يَخْلُقْ اللَيلَ وَحْدة بَلْ عَدَلَ وَخَلَقَ النَهَارْ ، لَم يَخلُق الذَكَرَ فَقَطْ وإنَمَا عَدَلَ وَخَلَقَ الأنْثَى ، لمْ يَخْلُقْ لُغَةً وَاحِدَةْ وَإنَمَا عَدَلَ وَخَلَقَ لُغَاتٍ عِدَةْ ، لَم يَخلُقْ النَارَ وتَرَكَهَا تَحْرِقُ الأرضْ بَل خَلَقَ أمَامَهَا المَاءْ لِتُطفِئْهَا ، وَلنَنظُرَ إلَىْ الاختِلَافِ الشَدِيدْ فِيْ كُلِ ذَلكْ ، فَنَجِدْ مَا يَجْعَلُنَا نُمَيِزُ ذَلِكَ الاخْتِلَافَ الشَدِيدْ بِحَدِ ذَاتِهْ ، لَكِنَهُ يُلَبِيْ احْتِيَاجَاتِنَا فِي الحَيَاةْ لِتُصبِحَ الحَيَاةُ جَمِيلَةً بِحُلْوِهَا وَمُرِهَا ، وتَكُونُ فِيهَا فُرُوقَاتٍ فَرْدِيَةْ تُمَيِزُ الدُنيَا بِمَنْ فِيهَا عَنْ بَعْضِهِمْ الأخَرْ.
وأخِيرَاً ، لِنَسْعَيْ لِنَبذِ العُنفِ وَالتَطَرُفِ وَالكَرَاهِيَةْ ، و لِنُفسِحَ المَجَالَ لِأَنْفُسِنَا وَلِنَتَحَلَىْ بِالأَخلَاقِ وَالصِفَاتِ الحَمِيدَةْ وَلِنَحْتَرِمَ بَعْضَنَا الأخَرْ، وَنَتَقَبَلَ بَعْضَنَا الأخَرْ ، وَنَتَحَاوَرْ بِشَكلٍ إيجَابِيْ ، حَتَىْ نَخْرُجَ بِحِوَارٍ بناءٍ ذُو جَدوَىْ ، لَيْسَ نقاشاً عَقِيمَاً ، فَلَا نَتَعَنَتْ لأنْفُسِنَا ، وَلِنَتَحَلَىْ بِالصَبرْ وَلَا نَتَسَرعْ فِيْ إطْلَاقِ الأحْكَامِ وَالأَقْوَالِ دُونَ دِرايَة ، حَتَىْ نَرْتَقِيْ ونَسْمُو وَنَحْيَىْ بِسَلَامٍ ونتميزْ .
#الخطاب البديل.