التسَامُح طريقٌ مختصرٌ للسلام الداخلي
عبر مواقع التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية المنتشرة في بقاع الكرة الأرضية كُلّها ومتاحة في كُل مكان وأي وقت، أصبح من المعقول جداً أن تتضارب العقول وتتداخل الأفكار بكل الصور وكل الأشكال، وهنا تحديداً يقفُ التحدي الكبير والمواجهة العظيمة بين ما أؤمنُ به، وبينَ ما يؤمن به الآخر خاصةً الرأيَ المناقِض.
قُدرَتَكَ على الإطلاع على الأفكار المعاكسة لاتجاهك، وإلقاء نظرة على الجانب المختلف من حياتك اليومية، وسلوكياتك وانطباعاتك، ثمَّ المحافظة على نفسكَ من أن تتعدى حدودها على الآخر لمجرد أنهُ مختلفٌ عنك يجعلُ مساحة قلبك تتسع للعالم لتحتوي كماً أكبر من المفاهيم ووجهات النظر، والاتزان.
من هذه النقطة، ينطلقُ الحوار الهادف والمناقشات المثرية لتُشَكِّل من الاختلاف إبداعاً، تماماً كريشة الفنان تدمجُ الأبيض بالأسود لتعطينا الرمادي، أو ربما تجتاح الألوان كُلها بعضها بعضاً لتعطينا إبداعاً ينتظِمُ في لوحةٍ فنية عظيمة.
أن تكون مختلفاً يعني أن تحمل على كاهلك مسؤوليةً تجاه مُجتمعك... أن تكون مختلفاً يعني أنك فقرةً من فقرات المجتمع لك منزلتُك فيه، جزءً منه، يعملُ يداً بيد مع الآخر فينصهر ضمن المجتمع الكبير، ثم المجتمعات المجاورة، ثم العالم، ليساهم في بنائه، ليس محارباً بدافع الاختلاف؛ لأنهُ مدركٌ تماماً أنهُ جزءٌ من اللوحة الفنية التي تحملُ اختلافاً في أرجائها، فيُخلَقُ النجاح ويُرسَم الإبداع.
فلو نظرت لهذه اللوحة بجانبك الإنساني ستجدُ الآتي: الحب، والأمل، والسعادة، وأي شعور داخلي آخر ينبعُ بإرادة الشخص كاملةً, فتعودُ كُلُّها لصاحبها بالمثل فكما هو معروف بالقوانين الطبيعية، لكل فعل رد فعل، مساوٍ لهُ بالمقدار ومعاكسٌ لهُ بالاتجاه!
تحب الآخر, تمنحهُ السعادة, هذا يعني حتماً أنك سعيد، كلمة طيبة مُشبَعة بالأمل تجعلُ فمهُ ينفرِجُ ضاحكاً، هذا يعني أنك ستملِكُ ضحكةً كبيرة تشبهه وأملاً كبيراً كذلك!
تعاظم هذه الأفعال والمشاعر تخلِقُ سلاماً في قلبك واطمئناناً طاغياً على معاني الكره والنفور, بل ويدعوك للاقتراب والمساهمة لتكونَ إنساناً يحملُ قلباً مسالماً, وليكُن قلبكَ وطناً للسلام, جدرانهُ متكأ عفو وقبول. ليكن وطناً يتمنى الجميعُ الخلود فيه، ليكُن وطناً شعارهُ العطاء لك، ولكل الناس فكما قلنا لكل فعل رد فعل!
العطاءُ كلمة عامة لكل الناس لا تميزُ شخصاً عن آخر, فإذا أردت أن تكون بسيطاً سلساً مبتسماً, لا تنتقي أناساً محددين لتمنحُهم هداياك البسيطة المختبئة بينَ شفتيك, بل إنك تعطي عامةً, ولكل الناس.
العطاء قادرٌ على أن يقودك إلى قبول الآخر, بشتى مظاهرهم, فيجعلُكَ شخصاً متسامحاً.
تسامحٌ وعطاء، اقتران حتمي، اقتران صادقٌ وعظيم!
فالتسامح طريقٌ مُختصر للسلام الداخلي... للقلب الذي يفتحُ أبوابه على مصراعيه ليرسم أبهى معاني السمو والرقي والإنسانية.