280

اكتشف ذاتك... تحرر ( لا تسرقوا حلمي، وهل تسرق الأحلام)

يستطيع كل واحد فينا أن يجد ذاته التي فقدها تحت أنقاض الخيبات المتكررة، فلكل خيبة مدىً يصل إلى الأفق البعيد في أرضٍ مستوية.

كل ما أعرفه أن الظلام يقتاتُ على الأرواح المنكسرة، وينمو في بيئة السوداوية واليأس . فنحن من نقيد أرواحنا، و نكسوها بثوب التشاؤم والفناء، ثم نقول هذه قسمتنا من الله، وتلك هي حياتنا ومشيئة الأقدار فينا من قبل أن توجد الخليقة.

  فهل قدر الله يأتي قبل موعده ؟ ثمَّ  لماذا نحكم على العدم،ولمَ لا نرجو من الله ما نرجوه من غيره!

يحكي لي جدي عن أيام الشباب، يصف بساطة الحياة، وعذوبة الناس وقتها، ويسترسل في الحديث عن أشخاص قد ضنّت الأرحام أن تلد أمثالهم.

 فهذا الذي قاتل المستعمرين ببارودة صيد، وتلك المرأة وضعت كل مواليدها بين ثنايا بساتين القمح المصفرة، ولا يختتم كلامه برجل آمن بعدل الله عز وجل، فنجا من ظلمات السجن والظلم مرات عدة.

ليتك تعلم ياجدي حالنا الآن، فقد أصبحنا نُهْزَم بلا مقاومة، و نقاوم الأمل الذي وعدنا الله به باستسلام الضحية للجلاد.

إنّ النفس البشرية طماعة بطبيعتها، جشعة المعالم، ودقيقة الملامح والقسمات، فلا نهاية  لأهوائها، ولا حدود للامبالاتها تجاه تجاوز المعقول. و إن عملية التحكم بالرغبات والأهواء، لا يمكن أن تكون بين يوم وليلة، بل لابدّ أن تكون بين كتاب ومسجد، و في ثنايا النظر إلى عظمة الله تعالى في خلقنا، وخلق الأشياء كلها من حولنا، فكم من نعمة مغبون بها لا نعلم قيمتها.

 وكم هي عدد اكتشافاتنا اليومية لمواهب و طاقات فينا،  لم نكن نعلم بها، قبل أن تظهر على حين اجتهاد.

تعاني الشعوب العربية - في مجملها - من وهن عام  في ثقافة الثقة بالنفس، فلم تستطعْ كل النكبات التي تجرعها الإنسان العربي أن توقظ شعوره بأنه يستطيع -وبدون الاعتماد على الاخرين-  ممارسة نشاطه العقلي، وشقّ طريقه الخاص في فضاء العالم المزحوم .

فلا يجب علينا كعرب أن نتجاهل موروثنا الأدبي والعلمي، بل لا بد للعربيّ أن يؤمن بقدرته على اكتشاف ذاته، وبأنه و مهما تقادم عليه الزمن، يستطيع أن ينصب له بيتاً مستقلاً، ويزينه بأشجار الفكر ومزارع الإبداع.

  تُرى،أين الخلل، في تركيبة عقولنا؟ أم في تسلط الوهن المسكوب علينا قهراً؟

إن كل الغزوات الفكرية التي مارسها، و ما يزالون- على العقل العربي، تستهدف تفاصيل دقيقة في سلوكنا، فهُم _أي أصحاب المصلحة في بقاء التخلف العربي-  يرسمون مخططات سوداء، يضخمون تفاهات الأمور، ويستولون على قلوب الجيل الذي أُضيعت هويته قسراً، فكم منهم بكى على فراق محبوب محبوبته "الغريبيَن"، وبعدها يقلبون أصابعهم على أزرار"الريموت"  ليستبدلون دموع الحبيبة الغريبة بخصرِ غانية أكثرغرابة منها.

 وكم ايضاً، أطلنا النظر في أشخاص، خٌيّل لنا أنهم يملكون عصيّ سحريةً  لتحقيق حلم شاب، ما بكى يوماً على أوجاع حلب،  وما قضى يومه و سنتهُ بعيداً عن كهرباء غزة المفقودة .

ما الحل ؟

نحن أبناء أمة إقرأ، ولا تظلم ، أهل التفكير والتفكر في نعم الله اللامحصاة، علينا أن نقوم من قمقم الإستحالة والتسليم، لآفاق أعظم من أن نسلمها لمجهولي الإتجاهات، وباثي السموم في عسل تفاهات الواقع، و أهواء البشر .

أعطانا ربنا كل مايلزمنا لنعيش في هذه الأرض التي قد استخلفنا الله فيها راغدين، فلنستثمر قدراتنا  الكامنة، و لنقذف العسل المسموم بعيدا،ً لنعيشَ كما أرادنا الله، عملا وعلماً.

#الخطاب_البديل.

وسائط متعددة ذات صلة