إيمانٌ وحياة
إيمانٌ وحياة
في عُرض البحر ... هناك حيث الفراغ الكبير
في بطن الحوت ... هناك حيث الظلام القاتم
في قرار النجاة ... هناك حيث كان نبيُ الله يونس عليه السلام مسبحاً ، ومتيقناً برحمة الله إلى أن خرج بفضل إيمانه بربه ، فبربك يا صديقي ما هو عذر الخيبة التي في قلبك دفينة كالأموات ؟
لقد خلق الله تعالى كُلَ شيء ونقيضه ، خلقَ الحزن لـيبينَ لنا مدى جمال الفرح ، وخلق الموت لـيبينَ لنا قيمة الحياة ، والجميلُ في الأمر كله أنهُ خلقنا لـنكون أنفسنا مخيرينَ بأن نصبح كذلكَ ...أم ترانا نكون نسخةً مقلدةً لغيرنا ؟
بدأ البشر منذ فجر التاريخ بصياغةِ قصصهم على كتاب النجاح ، فـعبرَ اوجاعهم ومعاناتهم صنعوا الحبر لـطباعة حروفهم بين أسطر ذاك الكتاب .
ووصولاً إلى عصرنا الحالي ، وما نعيشه من ضياعٍ لـتقدير الذات ، أصبحت اوراق ذاك الكتاب يعتريها غبارُ القدمِ طالبةً قصةَ نجاحٍ متلهفة ، وفي يومٍ ما عندما يضيع الأصل يبقى أنتم يا أعزائي لـتصنعوا قصصاً تشبعُ شهوات الكتاب ...فـهيا قوموا واصنعوا من أنفسكم دروس المستقبل.
يعلمُ الله مدى ألمنا ، ويعلم أيضاً مدى معاناتنا ، ويعلم أيضاً مدى انتظارنا ، فـلماذا نحزن ؟
فالله لا يضيع أمل عبده ، ولا يضع في قلبه طموح الوصول إلا لـيعطيه !
لماذا نحزن ونحن نعرف أن الإيمان أسهل الطرق وصولاً ؟
لماذا نحزن والله خلقنا لـنبدع ؟ لماذا نحزن والله خلقنا لنصنع ؟ لماذا نحزن والله خلقنا لـننفع ، ويبقى السؤال الأوحد في عقولنا : لماذا نحزن ؟
فلو جلسنا مكتوفي الأيدي وظللننا نصرخ و نصرخ و نصرخ ... إلى أن لا يطيبَ لنا شيء في الدنيا سوى السكوت لن يجدي ذلكَ نفعاً البتة، فـالنجاح للقائمين المجدين ، وليس للكسالى ، ومن يُردِ النجاح منكم ، فـليكن على علمٍ بأنه لا وقت للجلوس ، لا وقت لأي شيء سوى التعلق بالله ، وبالعمل المؤدي نحو المراد.
نعم نستطيع ... لا نغتر بالشهوات على جوانب الطريق .
نعم نستطيع ... لا نتعثر بحجار أقاويل الناس بأننا لا نقوى .
نعم نستطيع ... لا نيأس إذا واجهتنا العقبات ، فما بعدَ العسر إلا اليسر.
نعم نستطيع ... فنحن الجميع والجميع نحن ..
فتخيلوا أعزائي بعد نجاحكم الكبير؛ ما مدى فخرِ أطفالكم بكم في الغد بأنكم القدوة ولكم الاحترام ؟ لذا فـلنجعل من أنفسنا قصةً شّيقةً سردُها ، تلكَ القصة التي يتمنى أن يسمعها أطفالنا ، تلك القصة التي كلما تعمقوا فيها زاد عندهم الأمل بأن لا شيء سـيوقفهم ، دعونا نتفق بأن لا ننسى اتفاقنا هذا .
لا تيأسوا ، تأمّلوا ، لا تستسلموا ، قاوموا ، لا تسقطوا ، ارتفعوا .
في لحظةٍ ما سـنقف أمام المرآةِ قائلين لأنفسنا حمداً لله الذي جعل منا جبالاً منتصبةً بعد كل ذاك الترنح .
و ثمَ ماذا ؟
سيجزينا الله بما صبرنا ، بما طلبنا ، وبما تعبنا
متى ؟
عندما نؤمن بأن الله لن يتركنا في ظلمتنا وحيدين إلى أن تشفى جراح قلوبنا ، ويشرق مستقبلنا .
و كيف هذا ؟
هو أن نستقيم بالدعاء، بالإيمان بأن الله سيعطينا أضعاف ما بذلنا لما نريد .
أخيراً ؛ أستذكر قول الشاعر :
" ما ضل ذو أملٍ سعى …. يوماً وحكمته الدليل "
وتذكروا يا رفاقي في الختام أنه في عالَمٍ يملؤه الزيف ، تتجه الأنظار دائماً للأصل ، ولـقلبكم السلام .
أحمد شاهر سعادة
#الخطاب_البديل