عيناي مشتاقة!
نسيم مقدّس مُفعمٌ برائحة الدم و البارود داعب وجنتاي، و أذِن للرعشة بأن تأخذ مكانها في عروقي فور وصولي لبابٍ من أبوابها ، شاهدتُ للحظةٍ رصاصةً تأخذ مجراها و تعبرُ جسد شابٍ حمل حبها بين أضلعه فارتقى شهيداً لأجلها، تأملت الباب جيداً قبل دخولي فلقد رأيت في تفاصيله المعتّقة قصيدة كتبها كلُّ من مروا عليه بحبر من صمود ... و إنّي لأعلم بأنّي لو بقيت واقفةً هنا فإنّ التاريخ سيأخذ دور الراوي و أنا سأقف مشدوهةً و أصغي بإجلال و عيني ترمقُ غراب الشؤم ذو الزي الأخضر الذي يحمل رشاشه واقفاً على الباب يدفعني بكلماته الغير مفهومة قاطعاً علي الدهشة التي أنا فيها ...
تخطّت قدماي عتبة ذلك الباب و واصلت المسير ، لامست الجدران بعيناي المشتاقة لنفحة من نفحاتها... بدأت أسمع خفقات قلبي التي سبقت خطواتي.. و تابعت المسير ... بدَأَت العَبَرات الساخنة تشكّل مجرىً على خداي...أسمع صوت الآذان الآن.. و الله إنّ له وقعاً مختلف في حضرتها.. و عندما وصلت رأيتها..
كوقع الجمر في القلب كانت رؤيتها... رأيتها بهيّة شامخة تحمل التماعة بطابع حزين على قبتها الذهبية ، سألني الهلال أعلاها : هل من صلاحٍ آخر يمحي عهد السواد عن قبتي ؟! ، أزحت بوجهي عنه لا أحمل جواباً و في قلبي غصة!
في باحاتها الصمود باقٍ بمرابطة تعكس جـُبن الاحتلال بشجاعتها... في باحاتها الأمل بطفلٍ يلهو و يركض حول متوضياتها... في باحاتها أحقية هذه الأرض تتجلى بِغُصن زيتونة أخضر ...
في باحاتها أجلس أدعو بعودة عهدٍ تعود فيه التماعة قبعة صلاح الدين.. أدعو بنصرٍ مظفّر يوقظ الأمّة من غفلتها... أدعو بسلامٍ ...أدعو بأمان لمدينة السلام التي لم تعرف للسلام طعماً !