52

أعطِ لو ابتسامة!

إن الشيء الذي ترغبُ بعطائه لا يوضعُ في كفوف الموازين المادية! ولو فعلتَ ذلك لقتلتَ نفسك منتحراً في خِضَم انتظارِكَ المقابل! 

عندما تُعطي لا تفكّر في شيء، العطاء، العطاءُ فحسب... فمن الجدير بالذكر أن القيم الأخلاقية مرتبطةً بك كشخص, كطباعٍ ملازمةً لك لا تنتظِرُ عليها أجراً من الآخر لأنها جزءً من بنائك، وسبباً في توازنِك.

العطاء قبل أن يكون منك، هو قيمة أعطاكَ إياها الله ليستخدِمَكَ رسول خيرٍ لمن حولك، أفبعدَ هذا مقابل؟! 
سمعتُ ذات مرة حواراً بين اثنتين فعلِقَ بذهني ملحاً في تكرار نفسه فإحداهما تقولُ للأخرى: 

"لما أعطيتِ فُلانة شيءً من أعزِّ ما تملكين وجُلَّ حاجتِكِ فيه؟"
"ما أدراكِ إن كنتُ أحتاجُهُ أو لا.. كانت بضيقٍ ووجدتُ نفسي قادرة على إخراجها منه، ففعلتُ ما يجدُرُ فعلُه وانتهى الأمر!" 
"أنتِ ساذجة!" 
"تصرفتُ بتلقائية لم تتح لي فرصة التفكير بسذاجة ما اقترفته، على كُلٍ فرجت عن تلك ضيقتها!"

ببساطة العطاء تلقائية من الأشخاص تبعاً لما جُبِلَت عليه شخصياتهم.. 
أعطِ دمتَ قادراً على ذلك، أعطِ لو ابتسامة.. 

أجملُ ما في العطاء السمو الروحي الذي يزدادُ ارتفاعُ تحليقه في النفس في كلِّ مرةٍ تمدُّ بها يمناك لأحد، ذاك الشعور المردود على نفسك بحجمه يتسعُ فيك أكثر مزداناً بطوقٍ من الطمأنينة والإيمان. 

"صباح الخير" لعجوزٍ تجلِسُ في باحة منزلِها في السابعة صباحاً.. أثناء خروجك من المنزل، "الله يعطيك العافية" لعامل وطن رفع من جانيك كيس قمامة!، "أُحِبك" لأمك لأبيك لأخيك لصديقك تصاحبُها ابتسامةً عذبة تشعرهم أن قلبك يطبطب على قلوبهم، تساعِدُ رجلاً عجوزاً نَسيِ نظارته لإجراء اتصال! كُلها أمور بسيطة وكلمات تخرُجُ دون جهد، فقط قلها بابتسامة، أعطِ يا صديقِ بدون كلمات، أعطِ لو ابتسامة!

وسائط متعددة ذات صلة