هواجس بين عامين
لا يبدو من الجيد أبدا أن تصل للواحد والعشرين في منطقة لازالت تعج بأفكار القبيلة ،في منطقة أخرى من هذه العالم _ورغم أنها لا تبدو لي ساحرة_يتم الاحتفال بشكل جنوني جميل في هذا السن على اعتباره سن الرشد، عندما كنت في السنة الجامعية الثالثة والأخيرة كان زميلي يسألني مستهجننا عن سبب إنهاء سنوات الدراسة الجامعية بهذه السرعة على اعتبار الجامعة مكانا أساسيا لبناء قاعدة معرفية كانت إجابتي وقتها أن المجتمع ينتظرني لأكبر قليلا أي لأصبح في الواحد والعشرين ليصبح الزواج أمرا ملحا يسعى له الجميع لذا من الجيد أن أنهي الجامعة بسرعة وأبدأ بالدراسات العليا وأعمل، مجموع هذه الأشياء تعني تقليل فرصتي في الزواج في بيئات لازالت الفتاة تتزوج بها تحت السن القانوني بحجة فشلها بالدراسة ورغبتها الملحة بالأمومة!! أو الوضع الاقتصادي للأسرة.
ما حدث كان مختلفا كليا عما خططت له وجدتني لا أملك المال لأبدأ الماجستير ولا أجد وظيفة تناسبني مما يعني أنني الفتاة المثالية التي درست وجلست في المنزل لكي تتزوج وتعتني بأطفالها، فتاة أنهت الجامعة وهي الآن في المنزل أي صورة غير تلك سوف ترتسم في أذهان الناس (بنت بيت ومتعلمة )الطلب الأمثل لتلك الفئة –المتزمتة-التي تريد زوجة صالحة متعلمة و لا تعمل لتبقي المرأة في إطار لا نختلف على عظمته ولكن يحد من قدرتها على المساهمة في التنمية بكل أشكالها الأخرى.
جبن وخوف حقيقة ما يعتريني كلما فكرت بالتمرد ولو بدأت بالبسيط، ما هو البسيط؟ لكل مجتمع أو بالأحرى لكل مجموعة من هذا المجتمع ما يعتبره بسيطا وما يعتبره لا يخترق، في المجموعة منزوعة الاسم التي أنتمي إليها غصبا الدين -حسب المفهوم المجتمعي له- يشكل الاساس والأعراف تشكل الأساس وكلام الناس يشكل الأساس !! ودوما أحار بالبسيط الذي سأبدأ به بينهم .
مرحلة اعتيادية، معظم من يتخرجون سيجدون فرقا بين سنوات عمرهم السابقة حيث تشكل الدراسة المعلم الوحيد للمعظم و بين الحياة العملية الأخرى خارج العديد من الأسوار المعتادة، ليس غريبا إذا لابد من إحدى أشكال المعاناة، تساؤلات حول السبب الذي جعلنا نختار تخصصا دون غيره، مراجعات لجدوى اختياراتنا السابقة وتفكير بما هو قادم و لأي حد يجب أن نعدل المسار، المسار سؤال آخر ....
وزيارة الجارات إحدى المشاهد الاعتيادية لفتاة المنزل و تمنيات الفرح الدائمة المقتصرة على الزواج من الأمور الاعتيادية و أن (تدل على الفتاة)ذات الوجه الأبيض!!للخاطبين يعد اعتياديا ،يا لها من سنوات تلك التي تنتظرني بين الحديث عن الدكتور صاحب السيارة والمهندس مالك البيت، رفض لبق يثير عاصفة من الاستهجان (دكتور و بترفضي !!!)ماذا يفترض أن أقول وهو يريد الزواج بفتاة بيضاء و هو الطبيب دراسته وماله يشتريان جزءا مما يروج له كجمال .
فعليا أمقت التواريخ ونادرا ما تتملكني الحسرة على عدم تدوينها، رغم مرور ما يزيد عن عامين على النص المكتوب في الأعلى، حيث الأسف على الذات المحتجزة بين الجدران. أجدني قد شارفت فيهما على إنهاء رسالة الماجستير وبدأت في العمل في مجال ظننتني أريده، اكتشفت أني اقتلع الجدران المحيطة وأصحبها أينما حللت، في دواخلي دائمة الاضطراب، وفي الواقع الاجتماعي الممتلئ بالادعاء، وحتى في فهم تعامل العامة مع المقدس، قوالب محدودة أغلف فيها المحيطين لأوهم ذاتي المتلاشية بالاختلاف والتميز.
#الخطاب_البديل