101

يقولونّ ولا يفعلونّ

يقولونّ ولا يفعلونّ

( يَقولونّ ولا يَفعلونّ ) هَذهِ العبارة التي تَنطبق على الكثيرِ منَّ الناس يُخبِرونَّ أصحابَهُم وعائِلاتِهمّ ببعض الكَلِمات المُنمقة التي تُقالُّ ولا تُطبق ، النصيحة ، هَذِهِ الكَلِمة الجَميلة التي تُعبرُّ وتُخبرّ عن الكثير مِنَّ الأسرارِ الدَفينةَ والفوائدِ الكَثيرة ، إن كانَّ مَنّ يُطلِقُها شَخصاً جيداً يُعطيها لنفسهِ أوَلاً فهذا أمرٌ حسنّ ، ولكن ماذا إنّ أعطاها لِغيره ونسيَّ نفسهُ ؟! بهذهِ الحال ستكون النصيحة غَير مُقنعة فمن لا يَعمل بنصيحته لا يأخُذها في حياتهِ بعيّن الاعتبار...فقد خَرجت لكنّ ليس مِنّ قلبِه بلّ مِنّ لِسانه...فهل تعتقدُ أنَّ منّ يأخُذُها سَيُطبقها؟!  وكما جاءَّ في الآيةِ الكريمة :- ( يآ أيُها الذينَّ آمنوا لِمَّ تَقولونَّ مالا تَفعلونّ ) (سورة الصفّ آية 2 ) تَخيلّ أنَّ هُناك صّبِياً نَصَحَ صديقهُ ألا يسرق في حياته ؛ لأنَّ السرقةَّ فِعلٌ مُشين ولكنّ هذا الصديق المخلص يَعتبرُ السرقةَّ أمراً عادياً يفعلهُ دوماً ، وصَديقهُ الآخر علمَّ أنَّ ناصحَهُ يسرق وبِكُلِّ جدارة ، فكيفَّ سيستجيبُ له ، لنّ يأخذَّ بها أبداً...بل إنهُ سيمارسُ هِوايتهُ وسَيلومُّ ناصحهُ السارق على هذهِ النصيحةِ الفاشِلة ، وهكذا سَيقعُ في الحرج لِأنَّ النصيحة التي لا يُطبقها حاملُها تُعدُّ كَذباً . وَهُناكَّ نَماذِجٌ كثيرة عنَّ الناس في هذا الموضوع ، ومِنّ أهمِّ هذهِ النماذج هُوَّ الطبيب ، هذا الإنسان العظيم الذي يَقوم بعلاج ودواءِ الناس ويقوم برسمِ الابتسامات على وجوهِ الكثير مِنهم وهُناكَّ في مَكتَبِهِ أوّ عيادتهِ الأنيقة لافِتاتٌ تَقول :- ( يُمنعُ التدخينّ ) ولكنّ عِندما تَنظُرُّ إلى هذا الطَبيب تَراهُ يَحمِلُّ دَواءَّ الموتِ بيده ، يحمِلهُ ويتلذذُ بِطعمه وهذا الطبيب دوماً يَكون ناصِحاً لمرضاهُ بعدمِّ التدخين ، فهلّ هذهِ نَصيحَةٌ بِحقِ السماء ؟! وَمِثلما يقولُّ الشاعر أبو الأّسود الدُؤوليّ :- لا تّنهَ عن خُلُقٍ وَتأتي مِثلَهُ عارٌ عَليكَّ إذا فعلتَّ عَظيمٌ فَمعكَّ حقٌ أيُها الشاعر إن لم تَكُن النصيحة لِصاحِبها فلِمنَّ هِيَّ ؟! ولَكِنّ عَليكَّ أنّ تكونَّ معَّ كَلماتك الطيبة أَولاً ثُمَّ تُهديها لِغيرِكَّ مِنَّ الناس بشرطِّ أنَّ تُميزَّ بَيّن أنواعها... فَمَثلاً لا تَقُل لِأحدِّ زُملائك :- نصيحة ، لا تدرُس على اختبار الغدّ فهوَّ صعبٌ جِداً ولنّ تَحصُلَّ على أيِّ نتيجةٍ جيدةٍ به وأنا سأغُشُ فيه فافعل مَثلي وانقل الإجابات من الطالب الذي يَجلسُ بقربك... بدلَّ أنَّ تقولَّ لزميلكَّ هذا الكلام القبيح عليكَّ أنّ تقولَ له :- أُدرس غداً للاختبار وركز في أثناءِ الدراسة وتوكل على الله وبهذا سَتنجح وتنال الدَرجات العُليّا.... وفي لَمحةٍ بسيطة عن هذا الموضوع ، لا تظنَّ أنكّ أنت الوحيد الذي يُحبُّ أن ينصحّ الآخرين ، الناس أيضاً يُحبونَّ أنّ يفيدوا بعضهم البعض... وذلكَّ عنّ طريق النصائح ، فإنّ أتتكّ واحدةٌ فجأةً بوجهِكَ وكانَّ أسلوبها كالنقد فلا تجعل وجهكَّ عَبوساً لحامِلها فهوَّ يريدُّ مصلحتكّ في النهاية حتى لو كانت كلماته مُحملة ببعض اللومِّ ، عليكَّ أنّ تُفكرَّ بها وتتقبلها...فما أجملَّ هذه العبارات البسيطة التي قدّ تُغيرُّ حياةَّ إنسان وتجعلهُ يمشي نحو الأفضل... سَتجدُّ أنني أكثرتّ من كلمة النصيحة في هذه المقالة ، ولكنّ أتمنى أنكَّ قد نِلتَّ بعض الفائدة أيضاً ، ونصيحةٌ أخيرةٌ مني انصح نفسكَّ قبلَّ إطلاقِ النصائحِّ لغيركّ..

 

-بلقيس البشايرة

وسائط متعددة ذات صلة