69

متى نحرر أطفالنا

 

أنظر إلى طفلين بينما أسيرُ بجوارهما، ونقرة مياه في منتصف الطريق تختلط بطينها. أما الطفل الأول فغاص حذائه في الطين ولا أدار بال لغوصته وهو مهرول الملبس والسير، وأما الثاني فابتعد من قبل أن يقول له أباه احترس من الطين.

نستطيع أن نصفق للثاني وعيب علينا إن وجهنا اللوم للأول، في مجتمعاتنا العربية ينشأ الطفل بالخطأ، الأسرة والمدرسة والمجتمع يحاربونه في معركةٍ هو لا يعرف عنها شيئا، كل ما يعرفه أنه يأخذ سلوكيات من يحيطون به، طريقة حديثهم، انفعالاتهم، عاداتهم وتقاليدهم.

يوم 12 يونيو/حزيران من كل عام وهو اليوم العالمي والذي أقرته الأمم المتحدة لمناهضة عمالة الأطفال، ترصُد هيئات دولية إحصائيات أشهرها منظمة العمل الدولية والتي تختص برصد أعداد الأطفال العاملين في السوق التجارية والبيوت، والتي أعدت مؤخرا كتابا باسم "عمل الأطفال، وصمة عار" ووزعته على الدول الأعضاء في المنظمة تكشف فيه وتشرح أعدادا وانتهاكات بحق هؤلاء الأطفال الذين يتركون بيوتهم ومدارسهم ليعملوا في الأسواق والبيوت.

رصدت المنظمة أعداد تقدر ب 250 مليون طفل من بين عُمر 5 إلى 14 سنة، ولا تقتصر هذه الإحصائية على بلدان الدول النامية فقط، بل شملت دول صناعية كبلدانِ أوروبا والأمريكتين.

وتشير المادة 12 من اتفاقية حقوق الطفل التابعة للأمم المتحدة أنه يجب حماية الطفل من الاستغلال في أي عمل يعطله عن دراسته أو يعرضه للخطر بشكل جسدي أو معنوي أو أخلاقي مع فرض بعض العقوبات للجماعات والأفراد الذين يقومون باستغلال الأطفال بطريقة يُحرمُها القانون.

ولو كتبنا كثيرا عن القوانين والنصوص لن تكفينا 500 كلمة كما هو مُحدد، ولكن لو استطعنا في مجتمعاتنا العربية أن نسعى لتطبيق تلك القوانين بشكل حقيقي في واقع الطفل لن نحتاج لكتابة الكلمات من الأصل.

يرجع ذلك لما تمُر به الدول من عدم استقرار الأنظمة على المستوى الاقتصادي والسياسي، ناهيك عن النزاعات المسلحة القائمة في بلدان عربية وإفريقية، فضلا عن عدم وجود رقيب أخلاقي للمجتمعات وتنافي تكامل أسرة صالحة لتنشأة طفل سَويّ صالح لبلده وغياب العدالة في تطبيق القانون الذي يحمي الطفل من الاستغلال، مع كل هذا نجد الطفل الأول المهرول الذي أغرقه محيطه في النقرة دون علمه.

أغرقه عندما أخرجه والديه من مدرسته بحثا عن عملٍ له غير آدمي ليوفر له ولهم لقمة عيش يأكلونها، وأهمل في حقه المجتمع عندما ترك قضيته وانشغل بدونها، واستغله صاحب العمل في استعباده كعامل صغير يتقاضى أجرةً بسيطة مقابل عمله الاستعبادي الذي قد يطول إلى أكثر من 12 ساعة في اليوم الواحد، وأخطأ النظام والمسؤولون في الدولة في حقه عندما غفلوا عن معاقبة صاحب العمل الاستغلالي.

والآن

  1. يجب علينا كأفراد في مُجتمع ومسؤولون في أُسرٍ ومسؤولون في نظام، الحدِّ من عمالة الأطفال والإتجار بهم واستعبادهم عن طريق عمل الأنشطة التطوعية بكل أنواعها التثقفية والأخلاقية لحث الآباء والأمهات والمنظمات الحكومية وغيرها لدفع الطفل نحو تعليم أفضل حياة سليمة بلا نُقرٍ يغوص فيها.

 

رابط تقرير منظمة العمل الدولية

http://humanrights-monitor.org/Posts/ViewLocale/25637?fbclid=IwAR09NAGtBERn0Amh-TxV2mwhv8rSzClWSFh09hIM3xSXR9QF9YfFqw-5bEg#.XMM8sFUzbIV

 

#الخطاب_البديل

اسم العمل (أقدام صغيرة) فيلم قصير عن أهمية التعليم وعمالة الأطفال.

 

وسائط متعددة ذات صلة

لا يوجد حاليا محتويات.