45

حدث بالفعل

"اليوم هو أسعد يوم                   بالنسبة لنا نحن الصديقات الستة , لأنه يوم خِطبة صديقتنا الجميلة والبريئة * ريم * "       

في تمام الساعة السادسة بالفعل ذهبنا نحن الخمسة إلى بيت ريم لنكون أول الحاضرين في يوم مميز كهذا , وبعد تسليمنا على طنط *سهير* والدة العروس , أرشدتنا نوال أخت ريم إلى غرفتها التي تتهيأ فيها للخِطبة , فأقبلنا عليها مُباركين وفي أثناء التحضير وتجهيز العروس  , أسرعت ياسمين صديقتنا وهمست في أُذن ريم ( هل رأيتيه ؟ ) 

ريم : نعم , مرة واحدة

ياسمين : وكيف وجدتيه ؟

ريم : لا أدري , لم أتحدَّث معه كثيراً فلم يتعدى جلوسي معه العشر دقائق , لم أستطع فيها أن أسأله عن شيء وهو كذلك , ولكنه قال أن والدته تمدح كثيراً في أسرتنا , ووجدته بعد ذلك ينظر إليَّ مطولاً , فأُحرجت وطلبت من أبي أن يأذن لي بالإنصراف , ولكن أمي قد قالت لي بأن لديه عملاً مميزاً والمزيد من المال الذي سيستطيع من خلاله أن يجعلني استمر بالعيش بنفس المستوى المادي لأسرتنا .

ياسمين : ولكن كل تلك أسباب غير مقنعه للارتباط , المهم من كل ذلك فِكره وشخصيته وأسلوبه في الحوار والمناقشة .

ريم : حقاً لا أدري ي ياسمين ولم أكتشف أي شيء في شخصيته ولا يهمني ذلك الآن , المهم شكله ومركزه الإجتماعي , وما سيظهر به معي أمام الناس

ياسمين : الشكل يا ريم !!

فيجب أن يكون ذلك هو آخر ما تفكرين فيه وهو كذلك , فيجب أن يكون اختياركم لبعضكما لأسباب كثيرة وآخرها الشكل وأحياناً لا يأتي في الترتيب من الأساس .

ريم : هل تريديني أن أرفض ويفوتني قطار الزواج وينظر لي الناس بنظرات لا أحبها , نظرات سخرية واتهامات وأشياء لا أريد أن أفكر فيها حتى , سأسمع كلام أهلي وأقبل وإن لم يكن يناسبني , فمع مرور الوقت سأغيره وسأجعله يُحسن كل ما أراه سيئاً فيه .

ياسمين : أي قطار زواج تتحدثين عنه , أنتِ لم تتجاوزي الخمس والعشرون  بعد , كما أن الزواج لا قطار فيه ولكن نحن مَنْ سيدفع ثمن اختياراتنا في النهاية ولن ينفعنا حديث الناس أو نظراتهم البلهاء .

" تدخلنا جميعاً لإيقاف ياسمين عن تلك المناقشة , فكلنا نعرف ياسمين المعترضة دائماً والتي لاتستطيع أن تُخفي ما في قلبها , واضحة في كثير من آرائها وتفكر دائماً بعقلها ولا دخل بقلبها في إدارة أمور حياتها والتي لا يمكن أن تُسلم قلبها إلا لِمَنْ يرتضيه عقلها , على عكس ريم البريئة التي تفتح قلبها للجميع وهذا ما يجعلنا نخاف عليها كثيراً , انتهى النقاش بإشارة منا لياسمين بأن تتخلى عن ذلك النقاش وبالفعل رأت ياسمين بأنه ليس وقتاً مناسباً للنقاش وانتهى الأمر . "

وتمت الخِطبة في جو عائلي جميل وأبهجتنا العروس بجمالها , الذي أنسانا ما لا حظناه من فرق السن الكبير بينها وبين عريسها !ّ .

وبعد الخِطبة بشهر التقينا جميعاً في يومنا المُعتاد , فبعد الجامعة والتحاق كل واحدة منا بوظيفة في مكان مختلف اتفقنا أن يكون لنا يوم في كل شهر للاجتماع والترفيه ولعمل كل شيء معاً , ولكنَّ في ذلك اليوم وجدنا ريم يبدو عليها القلق والحزن .

مي : ماذا بكِ ياريم ؟

ريم : لاشيء , مُرهقة و مُتعبة قليلاً .

" انتهى اللقاء وحاولت ريم أن تُمحي كل علامات الحزن حتى لا نشعر نحن بما في داخلها , ولكن في اللقاء التالي لم تستطع إخفاء ما بداخلها عنَّا فوجدناها تقول وهي تبكي "

ريم : أريد أن أُنهي الخِطبة ..

سألناها جميعها عن السبب وراء ذلك القرار ..

ريم : بخيل إلى أقصى حد , يُجادل أبي في كل التفاصيل , يرفض كل ما أطلبه من تفاصيل أحبها أن تكون في بيتنا , يسخر من كل ما أحب ويعتبره شيء تافه بلا فائده , لا يُحدثني غن عمله ولا عن اهتماماته , فرق السن يقف عائق أمام فهمه لي ولطموحاتي , يسافر كثيراً ولا أعلم عنه شيء , حتى لقائي معكم عندما عرف به اتصل بأبي حتى يمنعني من صحبتكم ولا يعترف بوجود الصداقة في الحياة من الأساس ....

ندا : وما رأي والدك ووالدتك ؟

ريم : يقولون لي بأن اصبر , وأنه سيتغيَّر وسيترك تلك العادات بعد ذلك ولكن الموضوع يحتاج بعض الوقت ...

فصبرت ولكن الأمر قد ازداد سوءاً , علمت أنه لا رغبة لديه في الزواج من الأساس ولكن كل ذلك تلبية لرغبة والدته التي ألحت عليه في الزواج مني , أصبح مصيري في يد أهلي الذين يلحون عليَّ بالصبر خوفاً من كلام الناس والعنوسة , وفي يد أهله الذين يلحون عليه بالزواج لأنه الولد الوحيد على أخواته البنات الخمس ويريدون أن يفرحوا به , وبعد الزواج لن يكون لي بيت مستقل , بل سأمكث في بيت العائلة مع والدته وأخواته الذين لايتركون البيت نهائي إلا في الليل تعود كل منهن إلى بيتها ....

" حاولنا أن نخفف عنها حتى هدأت فجميعنا كنا نعلم أن تلك الزيجة خطأ لعدم تكافؤ الكثير من الأمور والتي كانت تكتشفها ريم مع الوقت ولكن أهلها ورغبتهم في تزويج ابنتهم سريعاً قبل أن يفوتها القطار وكل مَنْ حولها قد تمت خطبتهم وزواجهم وظنهم أن اختاروا الإنسان المناسب تبعاً لما يُقال عن أهله , متناسين أن الأبناء قد تختلف كثيراً في الطباع عن أهلهم , وأنه كان عليهم أن يتمَّهلوا في القرار لأنه قرار مصيري لحياة كاملة بعد ذلك , وأنهم يجب عليهم أن يضربوا بكلام ونظرات الناس عرض الحائط , فعندما تحدث المشاكل فهؤلاء الناس هم أول مَنْ سيتخلى عنهم وسيلحقونهم بنظرات الشفقة أو الشماتة .......

" فسعادة الزوجين في تلاقي روحيهما في تكافؤهم في معظم الأمور وليست في واحدة فقط "

وبعد تهدئة ريم , أخبرناها برأينا بكل صراحة , ووافقتنا فيه وقررت أن تُخبر والديها بذلك وأنها ستُنهي هذه الخِطبة .

وبالفعل أعلنت ريم رغبتها في فسخ الخِطبة , ولكنها تفاجأت من ردة فعل والدته حيث جاءت لبيتهم تبكي وتطلب من ريم أن تعود عن قرارها وجعلت ابنها يتغير مع ريم وبالفعل تغيَّر طوعاً لرغبة والدته وتم التعجيل بالفرح والزفاف , ولم تمكث ريم سوى شهر وعاد لطباعه السيئة معها مرة أخرى , حتى وصل الأمر معه بالإعتداء عليها بالضرب وكانت تلك الخاتمة لتلك الشهور التي مكثتها ريم معها وكانت نتيجة لأمور كثيرة خاطئة قد بُنيت عليها تلك الزيجة , وللأسف نتج عنها طفل بريء سينشأ بين أبوين منفصلين لم يربطهما الحب يوماً .....

       

وسائط متعددة ذات صلة

لا يوجد حاليا محتويات.