الخبيث
(من مشاركتي في كتاب (شرخ روح
وها هي قصتي التي آلمت الكثير وأبكت كلُّ من لديه مشاعر في ذلك الكون، لقد وَقَفَتْ والدتي أمام ذلك الباب الذي يبدو كباب زنزانة نابليون الذي نُفيَ في جزيرةٍ ما، وهكذا بدأتْ حياتي الجديدة مِن داخل زنزانة محاطة بمجوعة من الأجهزة داخل مبنى يسمى "مركز الحسين للسرطان" والوقفة التي وقفتها والدتي تُشبه وقفةَ الأسيرِ في سجونِ الإحتلال.
ذات يومٍ قرّرت أن أكتب كل ما أشعرُ بهِ وأجمعها في كتاب وأسميه (يوميات مريض سرطان)، والذي يتكلم عن حياتي في تلك الزنزانة التي لطالما أحسست بأن بابها لن يفتح أبدا.
لقد أحسست بالحزنِ والفرح، والسعادةِ والتعاسة، بالألمِ والراحة، لقد عِشتُ حياةً كاملة بكلِ أوجاعها وآلامها، فرحها وحزنها في ستين يوماً فقط، لقد تمنيت الموت حقا.
في أحد الأيام أتى إليَّ الطبيب وقال: نريد أن نجري فحصا، فذهبنا وأجرينا الفحص الذي انتابني شعورٌ بأنه سوف يكون آخر ما أقوم به من أعمال في حياتي، وعندما استخرجوا نتيجة الفحص كانت سلبية فسقطت مغمىً علي، فأخذوني مسرعين إلى غرفةٍ ما وأسعفوني ولا أتذكرُ ما حصل بعدها، أفقتُ بعد ذلك وأنا في زنزانتي وكان حول سريري مجموعة من الأطباء مجتمعين ويتحدثون باللغة الإنجليزية ولم أفهم ما الحوار الذي دار بينهم، في صباح اليوم التالي أتى طبيبي إلي واخبرني بأنهم سوف يقومون بإجراء عملية لإستئصال الأروام التي كانت متفشية في جسدي عندها توقف عقلي عن التفكير و وقعتُ على ورقة موافقة إجراء العملية دون أن أقرأها، وكأنني وقعت على ورقة الحكم عليّ بالإعدام.
أجرينا العملية وكانت بفضل الله ناجحة، وأنا اليوم أعيش حياتي بكل سعادة وراحة بعد فترةٍ دامت تسعة أشهرٍ إعتقدت بأنني شوف أعيش مع المرض حياة كاملة بعد ذلك قررت بأن أذهب للمركز وأُعلمّ المرضى مقاومة مرض النفس قبل مقاومة المرض لكي لا يقعون بما وقعت به سابقا.
قسم: يوميات مريض سرطان
بعنوان: الخبيث
للكاتب والمؤلف حذيفة ثليجة
Dec/13/2019